أبدأ قولي بقول الشاعر:
خدها يرن بها الجواد صهيلا — و يسيل ماء في الحسام صقيلا
حملتها شــــوقــا إليك تحيـة — حملتها عتبا إليك ثقيلا
كفى من التهريج و التظاهر بأن الوضع بخير … تعلموا التعبير عن آرائكم السياسية … * و ما طـلب المعيشة بالتمني —- ولكن ألق دلوك في الدلاء.
تجيء بملئها طورا و طورا —- تجيء بحمأة و قليل ماء* … تبنوا مواقف حقيقية تابثة … كفى من الإنزواء و الإختباء وراء المجهول … لأن البلاد على صفيح ساخن … و الحرارة سوف تصلك حتما أيها المختبئ … كل اللوم على حملة الشهادات الجامعية الأميين سياسيا … هؤلاء لا يريدين الإطلاع على كنه الأمور البديهية … مذنبون مع سبق الإصرار و الترصد … منهم من هو في الوظيف … و منهم من ينتظر نحبه فاغر فاه … ضحايا سياسة التمييع الممنهجة منذ عقود … ضحايا منهم من قبلوا بتناول السم المخزني … و منهم من تدارك الوقت حينما فطن بالفخ … و أقبل على المعرفة و الوعي السياسي … الشهادة بدون ثقافة سياسية بدون امتلاك القدرة على تحليل الحدث … هذه الشهادة تفقد قيمتها الحقيقية … المثقف الذي لا يملك الجرأة و الشجاعة للتطرق للحدث السياسي و انتقاده … ليس بمثقف حتى و إن بلغت كتبه في عددها سحب السماء … المفارقة العجيبة في هذا البلد أشخاص لا يملكون أي شهادة مدرسية … و يحللون الأوضاع الآنية بكل احترافية و تكامل في التطرق للحدث بكل جوانبه… يرتجلون في حديثهم …يملكون سرعة البديهة في الرد … مقارعة الحجة بالحجة … في حين أن من يتبجحون ببعض الشهادات العليا … من وضعوا أنوفنا في الرغام … حتى صرنا نستحي بذكر مسارنا الأكاديمي … و أننا كنا في يوم من الأيام نرتاد و إياهم نفس الكليات … هؤلاء عبدة الشهادات أصحاب الشخصيات المهزوزة … التبعيون و المستلبون … المحايدون حياد الخرفان و النعاج في اسطبلاتها … لا يحركون ساكنا … المتفننون في حياكة حواجز الجهل بينهم و بين المعرفة، العلم و الحقيقة … إنتاج مثل هذه النماذج هو أكبر جريمة في حق البشرية … عندما تراهم من بعيد أو تسمع بأسمائهم تخالهم بشرا … لكن بمجرد ما تقترب إليهم … ترى أمامك فزاعات بأثواب بشرية …
و أنهي كلامي بقول الشاعر :
فمن رام تقويمي فإني مقوم — و من رام تعويجي فإني معوج.
