تطرف حديث

رفض المشاركة السياسية ممكن قبوله لكن ما لا يمكن قبوله هو جهل سياسة البلد الذي تدعي العيش فيه، و عدم بذل أي مجهود لفهم ما يقع، عديدون يتبجحون بشهاداتهم الجامعية لكنهم لا يفقهون شيئا لا الفكر و لا في السياسة و لا في الإقتصاد و في تاريخ بلدهم على الأقل، عقولهم محدودة فيما اكتسبوه داخل المدرجات، يحتجزون أنفسهم داخل شرنقة الإختصاص ذلك هو التطرف الحديث الذي أصبحنا نعاني منه في أمة لا يحمل همها أحد من أبنائها، ما الغاية من تخريج شباب خدمي؟ هذا النوع من الشباب للأسف هو أيضا عبارة عن بضاعة تستهلك من طرف أصحاب رؤوس الأموال.
يجب أن تكون لنا القابلية لدراسة كل شيء، التاريخ و السياسة أمران لا هروب منهما لأنهما أدواتك للدفاع عن مواقفك مهما كان مخاطبك، هذا من جهة و من جهة أخرى تتقتح لك الرؤية من خلالهما لفهم الأحداث و ما يمارسه عليك الحاكم و التابعين لحكمه، هذا على سبيل المثال لا الحصر.
أصدقاء درسوا معي في الجامعة المغربية في سلك الماستر و الإجازة لم يقرأوا كتابا قط في حياتهم لا علم لهم حتى بتاريخ ما وقع بالمغرب إبان الاحتلال الفرنسي و بعده، جاهلون تماما لما يقع في البلدان المجاورة … أساتذة جامعيون في كليات العلوم يجهلون اللغة العربية بل لا يريدون تعلمها، منهم من يجهل حتى اللغة الانجليزية لا يعلمون منها إلا أماني، لا يمارسون البحث العلمي الذي هو ضمن اختصاصاتهم، لا يؤلفون كتبا في مجالاتهم…. لما كانت اللغة العربية لغة علم كان علماء الغرب يتعلمونها، لكنهم لم يكتفوا بذلك بل نقلوا الى لغاتهم ما فهموه عن ابن رشد و ابن خلدون و غيرهم من علماء العرب حينها، أين علمائنا و نخبنا من هذا؟
يجب علينا جميعا أن نتواضع و أن نقوم بالعمل التطوعي لمحاربة مصيبة الأمية و الخوف، لو قام الأساتذة و المعلمين و خريجي الجامعات كل حسب اختصاصه، اللغات ، الرياضيات، التاريخ … بعمل تطوعي لمحاربة الأمية ليومين في الشهر بشكل دوري لاحتفلنا بآخر أمي في المغرب منذ سنوات، الأمية التي ما فتئت تنتشر و تنتشر في هذا البلد بفعل فاعل، لا تنتظر شيئا من الدولة في هذا الصدد لأن الحاكم المستبد ليست له أي مصلحة في أن يتعلم الشعب و يرتقي مستوى وعيه، ما دامت الدولة قد عملت خلال السنوات الأخيرة على انتاج مجازين و دكاترة بأمية فكرية و سياسية يندى لهما الجبين، ما دامت ثقافة الإلهاء و التخدير هي السائدة. العائق الحقيقي أمام تقدمنا ليست الأمية لوحدها بل حتى الخوف، الشعوب العربية كلها محكومة بالخوف، الخوف من قول الحق و الدفاع عنه الى آخر رمق، لقد وصلنا الى درجة خوف الأئمة و الدعاة من يرجى فيهم تقويم الحاكم إن هو زاغ عن الطريق و اتبع سبيل الضلال في ظلم العباد، أصبحنا نتوفر على نوعين من الأئمة، إمام البلاط و إمام المنبر العمومي، إمام البلاط يصدر فتاوى على المقاس حسب الطلب، لا يسرد من الدين سوى الترغيب عندما يكون بمجامع الحكام و الأغنياء، أما إمام المنبر العمومي فخطبه كلها ترهيب و وعيد بعذاب جهنم و عذاب القبر …

You are not authorized to see this part
Please, insert a valid App IDotherwise your plugin won't work.

Submit comment

Allowed HTML tags: <a href="http://google.com">google</a> <strong>bold</strong> <em>emphasized</em> <code>code</code> <blockquote>
quote
</blockquote>