من الظالم و من المظلوم في سوريا

 

في خضم الأحداث التي تجري بسوريا، و أثرها على المواطن العربي، أجد الجميع ينساق لما يسمعه و يراه في نشرات الأخبار، حيث ينعكس ذلك عليهم بشكل كبير، و بما أن هذه المحطات الإخبارية أغلبها يدعم طرفا على الاخر بشكل سلس لا يشعر به المتلقي ، أجد الجميع يقف ضد النظام السوري في شخص الرئيس بشار الأسد، و يتهمه بالقتل و القصف…، وغير ذلك من التهم، مما لم  يشاهده أحد بأم عينيه، لدرجة أن بعض الخطباء في المساجد يقومون بالدعاء على بشار الأسد، و أتساءل و إياكم من أين جاءوا بهذه الدلائل الدامغة  والبراهين القاطعة، بأن هذا الشخص قد قام فعلا بكل هذه الأفعال، المتمثلة في قتل الناس عنوة، و دفنهم أحياء…؟؟ حتما شاهدوا ذلك على التلفاز، أي عبر الإعلام الذي تارة نجدهم يحذرون منه و من خططه التذميرية، و تارة يستعملونه هم و غيرهم من بسطاء التفكير، كذريعة لاتهام الناس.

و لنفترض بأن هذا الرئيس تنازل عن السلطة، فمن يستحق تعويضه؟ معارضة موالية للخليج و الغرب؟ أم مجموعات إرهابية لا تؤمن بالحياة زُرعت لنشر الفوضى و البربرية؟ لو تنازل الاسد حتما كانت ستلفق له تهم أخرى لم يقم بها، و كان في أفضل حالاته سيعدم بصورة مشينة، كما حدث للرئيس الليبي معمر القذافي أو بطريقة مفبركة كصدام حسين، أنا أرفض تهديم الدول بهذه الطريقة الهمجية و الخسيسة، و بهذا الإرهاب.   يقول مكيافيللي في كتابه *الأمير* أن ثمة طريقين للقتال، أحدهما بواسطة القانون و الآخر عن طريق القوة، ويلجأ الناس إلى الطريق الأول أما الحيوانات فتلجأ إلى الطريق الثاني ولكن لما كانت الطريق الأولى غير كافية لتحقيق الأهداف عادة، فإن على الانسان أن يلجأ تبعا لذلك إلى الطريق الثاني. و من الضروري على الأمير أن يعرف استخدام الطريقين معا، أي طريق الانسان و الحيوان. <انتهى كلام مكيافيللي>، و الغرب يجيد الطريقين و يتحكم فيهما معا، أي أنه يقطع عنك كل سبل الدفاع عن نفسك، إن اتهمك هو، تجده في طريق الحيوان قوي عسكريا، و في طريق الانسان مسلح بإعلامه و قوي أيضا بمحاكمه الدولية التي يستخدمها ضدك. و لنفترض أيضا أن هذا الرئيس قام فعلا بقتل ملايين البشر، فمن هو هذا الملاك الطاهر من بين كل دول العالم الذي يستطيع محاكمته أو محاسبته؟  الولايات المتحدة الأمريكية؟ و التي يداها لا تزالان ملطختان بدماء الفيتناميين و الأفغانيين و العراقيين… فرنسا؟ التي أبادت و سحقت الأفارقة من السنغاليين و الجزائريين و المغاربة و كذلك السوريين و اللبنانيين… انجلترا؟ و التي عاتت في العالم فسادا و سفكا للدماء بحيث لم تسلم دولة من سمها، من الهند إلى السند… حتى الدول العربية تملك ماضيا و حاضرا مثقلين بالجرائم.

شئتم أم أبيتم فالرئيس ومعه الشعب السوري، يتعرضون لمؤامرة كبيرة بطلها الغرب و خصوصا فرنسا، وما إشعال فتنة الحرب في سوريا إلا واحدة من خططهم في إذكاء الدمار و التقسيم،  لمنطقة الشرق الأوسط عموما، و لما اكتوت أوربا بنار حربها، و اجتاحها آلاف القادمين إليها من كل حدب و صوب، و طعنها الارهاب الذي زرعته و وجهته لمحاربة الأنظمة التي تشاء، عادت شيئا ما لرشدها وباتت الآن تدعوا للقاء الأسد و تطلب بعقد المفاوضات مع وزراءه، بعد أن كانت ترفض ذلك سابقا، رفضا باتا، و بدأت تنسق في الخفاء مع المخابرات السورية، لكي تزودها بالمعلومات، ليس عن من قامت هي بزرعهم هناك، بل عن مواطنيها، وعن حاملي جنسياتها الذين أصبحوا الآن يشكلون تهديدا حقيقيا فوق ترابها.

فالغرب ماكر، يجرب مسحك من العالم بأي طريقة، فالغاية عنده تبرر الوسيلة، و حينما لا تؤتي ضرباته نفعا، يقوم بتضميد الجراح الغائرة التي تسبب بها، بضمادة الإعمار، و القروض… و لأنه قوي عسكريا و نوويا و حتى إعلاميا لا تستطيع رد صفعته بأخرى أقوى، و تجبر على السكوت و كأن شيئا لم يحدث، و تكتفي بالدعاء كما يفعل أئمتنا و سوادنا الأعظم.

و إذا كان رئيس سوريا فعلا عميلا للغرب و لإسرائيل، فلماذا يقومون بمحاربته، و يرغبون في تنحيته من منصبه ما دام يخدم مصالحهم إذن؟ و قس على ذلك الرئيس الليبي السابق، و صدام حسين الذي ندم على خيانته من باهوه لأمريكا بتهمة أسلحة الدمار الشامل…

إن من ذهبوا لجلب أبنائهم من عصابات الارهاب بسوريا، وقعت أعينهم على الوضع الحقيقي، و وقفوا ذاهلين أمام الكذب الذي روج له الاعلام العربي و الغربي، بحيث لم يروا مدنا مدمرة بكاملها و منازل سوية بالأرض …

العالم العربي شهد مؤخرا ثورتان لا غير، ثورة تونس و ثورة مصر الأولى، أما الثانية فلا وجود لها، فقد تمت حياكتها كما حيكت مثيلاتها في ليببا و اليمن و سوريا رغم الاختلاف الزمني بينهم.

للأسف لكل حرب عواقبها و ضحاياها و الشعب السوري كان الضحية الحقيقية لجشع و حقد دول الغرب تجاه الدول المستقرة، و سياسة كل شيء أو لا شيء، التي ما فتئت تعاقب بها تلك الدول، التي ترفض الانصياع بإتباع أوامرها و تعليماتها.

عندما قام التونسيون بمسح النظام القديم، و أرادوا بناء دولة لا تدين مطلقا بالولاء للغرب، ماذا كان رد فعل الولايات المتحدة الامريكية و أوروبا تجاه حكومة حركة النهضة و غيرها من الفاعلين السياسيين بالبلد من قبيل الاتحاد التونسي للشغل … ؟ لم يرتح لهم بال حتى تلقوا التطمينات الكافية من لدنهم بأنه لن تقوم دولة تونسية معادية للغرب و ما الى ذلك من التطمينات التي لا يمكن معرفتها بسهولة.

 

You are not authorized to see this part
Please, insert a valid App IDotherwise your plugin won't work.

1 comment on “من الظالم و من المظلوم في سوريا

  1. العقرب

    كلام غير واقعي فلا يجوز ان تكون جلادا وتلوم الاخرين على تدخلهم وفي مستهل الامر من اوصل او انتخب هذا الرئيس او حتى ابوه ؟؟؟؟ فهم استولوا على الكرسي بالقوه وبدون اراده الشعب بل على العكس عملوا على ترويع وتركيع الشعب واستعملوا روايه ( العدو الصهيوني والامبرياليه العالميه ) مطيه للاستمرار في استغلاس السلطه وسحق كل من يقف ضدهم بحجه ذلك العدو المفترض وكانت حجتهم ذاتها لتخلف البلد ونهب خيراتها والضرب بيد من حديد ضد اي نقد يوجه لهم واتهمه جاهزه وهي العماله للعدو الوهمي المفترض .ومن يزرع الريح سيحصد العاصفه

Submit comment

Allowed HTML tags: <a href="http://google.com">google</a> <strong>bold</strong> <em>emphasized</em> <code>code</code> <blockquote>
quote
</blockquote>